مونتريال
تحية إلى لبنان في عيد البشارة
واخيراً، بعد قرون وقرون من الغزوات والمؤامرات والحروب.
وبعد كمّ من النقاشات والحوارات والندوات اللاهوتية والفقهية.
وبعد عواصف وسيل من حروب الآلهة وصراع الديانات على ارض هذا الشرق التعيس، الذي ما زال يئن تحت نير التخلّف، والانقسامات العصبيات الفكرية والثقافية والروحية والدينية.
هذا الشرق البائس. موطئ النبوءات، ومنارة الحضارات، وقبلة الفاتحين.
ها ان وطناً من اوطانه، ومن لبنان بالذات، وطن الرسالة الشرق الاوسطية والعالمية، بحكومته وشعبه، يعلن لقادة العالم وحكوماته وشعوبه ودياناته وايديولوجياته، يعلن ويكرّس الخامس والعشرين من آذار عيد البشارة، عيد بشارة مريم، ام المسيح، وام الكلمة، الذي صار جسداً، يعلن هذا العيد عيداً مسيحياً اسلامياً رسمياً ووطنياً، يجمع المسيحيين والمسلمين، ابناء الوطن الواحد والاوطان كلها، حول شخص مريم، وحول سرّ مريم، التي اصبحت رمزاً لقبول الالوهة في حياة البشر، وقبول البشر الخطأة في حضن الالوهة ومخططاتها.
ففي هذا اليوم التاريخي الاغر، وفي هذا العيد المريمي المسيحي الاسلامي والوطني الاول، اقول لاصحاب الديانات والقيمين على شؤونها وشجونها،
اقول لناشري الارهاب والعنصرية بين الدول وفي صفوف المواطنين الآمنين المسالمين، حيثما وجدوا و الى اي دين وعرق ومذهب انتموا،
اقول للاصوليين والسلفيين من ابناء الديانات:
افتحوا انجيلكم
واقرأوا قرآنكم
تجدون عما هو الايمان في شخص مريم "المباركة والمصطفاة بين النساء وعلى نساء العالمين" (آل عمران 42)، وما يجب على المؤمن ان يكون ليصبح مؤمناً صادقاً وغيوراً، لا على الدين الزائل، بل على الاله الازلي، انه المحبة، الذي احب مريم و"اصطفاها" ابنة طاهرة، نقية، نزيهة ومنزّهة عن كل خطيئة وعيب بشري.
اقرأوا بشارة مريم في الانجيل.
واقرأوا سورة مريم في القرآن.
في هاتين القراءتين يختصر تاريخ علاقة الاله بالانسان، والانسان بالإله.
في هاتين القراءتين يكمن الايمان الصادق، والرجاء العميق، والحب الالهي – الانساني.
في هاتين القراءتين يختصر تاريخ البشرية الايماني وتاريخ ملاقاة الاله والانسان.
لا تفتشوا عن اشياء اخرى هي من صنع الانسان الخاطئ وصنيعه.
بل اذهبوا الى مريم، مسيحيين ومسلمين اذهبوا الى مدرسة مريم.
هناك، وهناك فقط ستجدون المصالحة الالهية الانسانية في ابهى تجلياتها، واسمى معانيها، واشمل مكوناتها واعمقها.
هناك، وهناك فقط ستعيشون الاخوّة الانسانية، المتفجّرة من صفحات انجيل مريم، والكامنة في سطور وآيات قرآن مريم.
فإلى لبنان، بلد الرسالة، اوجّه تحيتي واكباري.
وعلى شعب لبنان الابي وحكومته الرشيدة أستمطر النعم السموية مهنئاً ومباركاً، لان وطناً احب مريم بمسيحييه ومسلميه، وكرّم مريم بكنائسه ومساجده،
لا ولن يندثر ويضمحل. لا ولن يهاب المؤامرات، لا ولن يموت.
بل سيبقى مثلاً ومثالاً لكل مؤمن نزيه صادق في الوطن العربي والعالم.
فاحرسينا يا مريم، في يوم عيد بشارتك المجيد، واحفظي لبنان وطن الايمان، واحفظينا اقوياء في الايمان الصادق القويم، والسراط المستقيم، موحدين في المواطنين المخلصة للانسان والوطن، متكاتفين في التوق الى السيادة، والحرية والاستقلال.
بقلم المونسنيور جورج يغيايان
(كنيسة الارمن الكاثوليك مونتريال – كندا)
النهار 30/03/2010