الفاتيكان
تحت عنوان "الكلمة صار جسدا" (يوحنا 1/14)، وبتمام الثانية عشرة من ظهر عيد الميلاد أطل البابا بندكتس الـ16 من على شرفة البازيليك الفاتيكانية على ساحة القديس بطرس التي اكتظت بالمؤمنين والحجاج والسائحين ليوجه كالمعتاد رسالة تهنئة لمدينة روما والعالم بلغات مختلفة.
قال البابا: "أيها الإخوة والأخوات الذين تستمعون إليّ في روما وفي العالم أجمع، أبشركم برسالة الميلاد: الله صار بشرا وجاء ليسكن بيننا. ليس الله بعيدا إنه قريب لا بل إنه "عمانوئيل" أي الله معنا. ليس بغريب إنما له وجه، وجه يسوع".
أضاف البابا إنها رسالة تتجدد دوما وتدهش دائما لأنها تتخطى كل آمالنا الجريئة، إنها أكثر من إعلان إنها حدث وواقعة يشهد لها أشخاص رأوا وسمعوا ولمسوها في شخص يسوع الناصري! وأكد أن الله لا يتغير ولا يتبدل أبدا فهو أمين لذاته. ذاك الذي خلق العالم هو نفسه من دعا إبراهيم وأوحى اسمه لموسى: إله إبراهيم وإسحق ويعقوب.. الإله الرحيم الشفيق وكثير الأناة والمحبة.
رأى البابا أن إعلان بشرى الميلاد هو أيضا نور للشعوب وللمسيرة الجماعية للبشرية. عمانوئيل- الله معنا، جاء الأرض كملك العدل والسلام، وملكه ليس من هذا العالم بل أهم بكثير من جميع ممالك العالم. إنه مثلُ خميرة البشرية، يمنح قوة ودفعا لنمو حقيقي ويحث على التعاون لأجل الخير العام والخدمة المتجردة نحو الجار والقريب والكفاح السلمي لأجل العدالة. الإيمان بالله مدعاة أمل ورجاء لكل الذين جرحت كرامتهم وانتهكت، لأن من ولد في بيت لحم جاء ليحرر الإنسان من أصل العبودية.
قال البابا إن نور الميلاد يتألق من جديد فوق الأرض المقدسة التي ولد فيها يسوع وتمنى أن يهدي الإسرائيليين والفلسطينيين في إيجاد تعايش عادل وسلمي. وأمل أن يخفف إعلان مجيء عمانوئيل المعزي من أوجاع الجماعات المسيحية في العراق والشرق الأوسط أجمع ويمنحها عزاء ورجاء بالمستقبل، ويحفّز مسؤولي الأمم على التضامن الفاعل معها. وأمل أيضا أن يتحركوا لمزيد من المساعدة لشعب هايتي الذي يعاني جراء الهزة الأرضية المدمرة ووباء الكوليرا المرير. ودعا لعدم نسيان سكان كولومبيا، فنزويلا، غواتيمالا وكوستاريكا المتضررين بشدة نتيجة الكوارث الطبيعية الأخيرة.
رجا البابا أن يفتح ميلاد السيد المسيح آفاق سلام دائم ونمو حقيقي لشعوب الصومال ودارفور وساحل العاج، ويعزز استقرارا سياسيا واجتماعيا في مدغشقر، ويحمل أمنا واحتراما للحقوق الإنسانية في أفغانستان وفي باكستان، ويشجع على الحوار بين نيكاراغوا وكوستاريكا،ويسهم في تحقيق المصالحة في شبه الجزيرة الكورية.
أمل بندكتس الـ16 أن يقوي الاحتفال بميلاد يسوع الفادي روح الإيمان والصبر والشجاعة في قلوب مؤمني الكنيسة في الصين القارية، كيلا يحبط عزمهم جراء القمع والحد من حرية ممارستهم لدينهم وضميرهم، بل يحافظوا على أمانتهم للمسيح ولكنيسته، ويبقوا شعلة الرجاء حية.
وسأل البابا أن تهب محبة "الله معنا" الثبات لكل الجماعات المسيحية التي تعاني تمييزا وتهميشا واضطهادا، وتلهم القادة السياسيين والدينيين كي يعملوا جاهدين على ضمان احترام كامل للحرية الدينية عند الأفراد أجمعين.
وفي ختام رسالته لمدينة روما والعالم، وجه البابا بندكتس الـ16 تهانيه الميلادية بلغات العالم المتعددة وبينها اللغة العربية قائلا: ميلاد مجيد، وتمنى للجميع أن يغمر النور الساطع من مغارة بيت لحم كل الأفئدة والقلوب.