بزمار
الأحد 31 تموز 2011، الساعة السادسة عصرا، ترأس صاحب الغبطة الكاثوليكوس البطريرك نرسيس بدروس التاسع عشر قداسا إلهيا في دير سيدة بزمار حيث تمّت رسامة المونسنيور ميكائيل موراديان أسقفا على أبرشية سيدة ناريك للأرمن الكاثوليك في الولايات المتحدة وكندا. وكان قداسة البابا بندكتوس السادس عشر قد عيّن المونسنيور ميكائيل موراديان مطرانا على أبرشية الولايات المتحدة وكندا في 21 أيار الفائت ليخلف المطران مانويل بطاكيان، الذي قدم إستقالته بسبب سنّه.
وقد ألقى المطران الجديد عظته الأولى باللغتين الأرمنية والعربية.
"إحفظ الوديعة الحسنة بالروح القدس الحالّ فينا" 2 تيم 1 : 14
صاحبَ الغبطةِ أبينا البطريرك نرسيس بدروس التاسع عشر
سعادةَ السفير البابوي في لبنان سيادة رئيس الأساقفة المطران Gabriele Caccia
أصحابَ السيادة المطارنة رؤساء الأساقفة والأساقفة
معالي الوزيرالعميد پانوس مانجيان ممثلاً كلٍّ من فخامةِ رئيسِ الجمهورية العماد ميشال سليمان ودولةِ رئيسِ مجلسِ النواب الاستاذ نبيه برّي ودولةِ رئيسِ مجلسِ الوزراء الاستاذ نجيب ميقاتي
سعادةَ السفير آشود كوتشاريان سفير أرمينيا في لبنان
سعادةَ السفير هيلاري تشايلدس-آدمس سفير كندا في لبنان
اصحابَ المعالي والسعادة السادة الوزراء والنواب
حضرات رؤساءِ البلديات
أهلي الأعزاء
حضرات الممثِّلين عن سائرِ المؤسِّسات الإداريَّة والعسكريَّة والحزبيَّة والفعاليَّات الإجتماعية
آبائي الأجلّاء
أخواتي الفاضلات
إخوتي وأخواتي الأعزاء في المسيح يسوع،
أرفعُ الى الله القادرِ على كل شيء صلاةَ شُكرٍ وامتنانٍ لأنه دعاني انا غير المستحق الى هذا الشرف الكبير ومنحني نعمة الدرجة الاُسقفية وجعلني خليفةً للرُسل القديسين. كما أود أن أُعبّر عن جزيل شكري لقداسة البابا بندكتوس السادس عشر، لتعييني راعيا لأبرشية سيدة ناريك للأرمن الكاثوليك في الولايات المتحدة وكندا وأطلب من سعادة السفير البابوي في لبنان سيادة المطران Gabriele Caccia أن ينقل إلى قداسته امتناني العميق للثقة الأبوية الّتي اظهرها تجاهي.
أتقدم من صاحب الغبطة ابينا البطريرك والاساقفة آباء السينودس الأجلاّء بالامتنان من صميم قلبي للثقة التي منحوني إيَّها، وأشكر حضورَهم واشتراكهم في رسامتي بروحِ الأُخوّة الكنسية، مُتمنياً لهم دوام الصحة ومؤكداً إِستعدادي للعمل والتعاون معهم بروح الوحدة، من أجل نموّ وإزدهار وسمو الكنيسة الأرمنية الكاثوليكية. وأشكر لقدسِ النائبِ البطريركيِّ بالوكالة لجمعية كهنة بزمار البطريركية ، ولأعضاء اللَجنة الإدارية دعمَهم وتشجيعَهم الأخويّ لي. لكم جميعاً عميقُ شكري لحضوركم وإِشتراككم في سيامتي الاسقفية. شكري الخاص لجميع الذين شاركوا في تنظيم واعداد هذه المراسيم الجميلة. وأشكر لمحطة تيليلوميار وجميع القيِّمين عليها تَغطيتَهم المباشرة لهذا الحدث. وبواسطتهم أتوجَّه من هنا، من دير سيّدة بزمار، بالتحية والدعاء والبركة إلى جميع أبنائنا في كندا والولايات المتحدة الأميركيّة، راجياً منه تعالى ومن السيّدة العذراء العونَ والنعم كي اقوم بالخدمة والرعاية والإدارة التي عَهَدَ بها الرب إليَّ.
" إحفظ الوديعة الحسنة بالروح القدس الحالّ فينا" (2 تيم 1 : 14)
بهذه الكلمات يشدّد ويشّجع القديس بولس تلميذه تيموثاوس في ممارسة مسؤوليته الكنسية. فإن الوديعة الحسنة التي يتكلم عنها رسول الامم، ليست إلاّ عقيدة الإيمان المسيحي، الذي عمّد بها القديس غريغوريوس المنوِّر الملك درطاد الثالث سنة 301م، وهي العقيدة عَينها التي نتناقلها من جيل إلى جيل والّتي نُنشدها بفخر في الترنيمة الفصحية : " المسيح قام من بين الاموات، ووطىء الموت بالموت، ووهب الحياة للذين في القبور."
كلنا مدعوون إلى أن نكون شهوداً لهذه الوديعة، لهذه البشارة السارة ولهذا الرجاء الصالح.
يفسر الحَبر الاعظم، الطوباوي يوحنا بولس الثاني، الدرجة الاسقفية بقوله إنّها " تحثّ الاسقف على أن يكون خادماً لإنجيل يسوع المسيح، رجاء العالم. أي إنه يدعو الاسقف إلى التبشير بإنجيل يسوع المسيح كرجاءٍ للعالم، ليس فقط بما يتعلّق بوقائع الزمن الحاضر، ولكن، قبل كل شيء وبالأخصّ، بالرجاء الآتي، ذاك الرجاء الذي يطمح به الإنسانُ إلى الكنز الإلهي الذي لا يفنى. ذاك الرجاء الذي يسمو على "كلِّ ما لم تره عين، ولم تسمع به أُذن، ولم يخطر على قلب بشر" (1 قور 2: 9). ذاك الرجاء الذي أعدّه الله لمحبيه، حيث إنّ آلام الدهر الحاضر لا توازي المجد الّذي سوف يتجلّى فينا (رو 8: 18)".لذلك يجب ان تَتَسِمَ خِدمة الاسقف كاملةً بالرجاء الإلهي والايمان والمحبّة".
ُدرك تمام الإدراك أنّني نظراً لضعفي البشري، ليس بمقدوري أن أتحمل هذا الحِمْل الثقيل، ولكن عندما أُصغي الى كلمات القديس بولس هذه: "إحفظ الوديعة الحسنة بالروح القدس الحالّ فينا"، أُسلِّم نفسي وكياني تسليماً كاملاً لإرشادات ونعم الروح القدس، وأضع كلّ ثقتي في هذا الروح المحيي، وأرفعُ صوتي وأضمُّه الى صوت جميع أساقفة الكنيسة الجامعة المقدسة الرسولية المستقيمي الرأي وكهنتها ورسلها وأُعلن إيماني، ورجائي، ومحبتي للثالوث الأقدس. وبهذا الصدد أُردّد دعوة الطوباوي البابا يوحنا بولس الثاني الشهيرة، الّتي وجهها في عظة تنصيبه الى العالم أجمع قائلاً : " لا تخافوا، بل افتحوا ابوابكم على مصراعيها امام المسيح". نعم، اخوتي واخواتي الاعزاء، إنّ ربّنا يسوع المسيح هو في الحقيقة الطريقُ والحقُ والحياة.
هذا هو الإيمان الذي تعلمتُه منذ نعومة اظفاري في بيتي الوالدي، على احضان والديَّ سركيس وتيريز اللَذَين أنحني أمامهما سائلاً الله ان يمنحهم دوام الصحة وطول العمر.
هذا هو الإيمان الذي ترعرعتُ وتنشأتُ عليه في إكليريكية مار ميخائيل رئيس الملائكة، في هذا الدير العريق، دير سيدة بزمار، حيث بفضل توجيهات ونصائح الآباء الكهنة والمعلمين الافاضل تشبّعت من روح الإنتماء إلى الشعب الارمني وتنشأت على الايمان المسيحي الكاثوليكي وذلك بانضمامي إلى جمعية كهنة بزمار البطريركية. هذه الجمعية التي صَفَحَاتُ تاريخها مُشبَّعةٌ بنماذجَ رائعة للعمل الدَؤوب والخِدمة الرسولية المجانيّة في سبيل الله والكنيسة والشعب. تلك الجمعية التي يُزيِّن جبينها بَطاركةٌ وأَساقفةٌ وكهنةٌ اتَّسموا بالفضائل المسيحية والشهادة الحقة للإيمان المستقيم حتى بذل الذات ، على مثال بطل الإيمان الطوباوي الشهيد إغناطيوس مالويان ورفاقه السِتَةَ عشَرَ شهيدا من أبناء الجمعية. إنني واثق أن جمعية كهنة بزمار البطريركية ستستمرُّ في مسيرتها على طريق المسيح في خدمة الشعب الأرمني وبنيان الكنيسة ومجد الثالوث الاقدس.
هذا هو الإيمان الذي تعمّقتُ وانصهرتُ فيه، والذي جعلتُه درباً لحياتي في المعهد الأرمني اللَيونيّ الحَبريّ وجامعة القديس توما الأكوينيّ في المدينة الخالدة روما، مؤمناً بكنيسة واحدة جامعة مقدسة رسولية. تلك الوحدة التي ارادها يسوع المسيح والتي صلّى من اجلها في العشاء الأخير جامعاً من حوله الرسل قائلا: " لا أُصلّي من اجل هؤلاء فقط بل من أجل كل الذين سيؤمنون بي عن كلامهم ليكونوا واحدا" (يو17: 20- 21). وحدة الكنيسة التي منذ نشأتها وحتى يومنا، لم يتوانَ خلفاءُ القديس بطرس، بفضل حكمتهم ودرايتهم، عن أيّ جهد او صلاة أو تضحية من اجل تحقيقها.
اخوتي واخواتي الاعزاء في المسيح يسوع، انطلاقاً من هذا الإيمان أدعوكم إلى أن تشاركوني في هذه الصلاة، التي أرفعها لتمجيد وشكر الله الآب بالمسيح يسوع :
ربي يسوع، يا نبع المحبة والنور، يا من بطاعتك لأبيك وبتجسدك تنازلت من مجدك السماوي وأظهرت ذاتك لبني البشر متجوِّلاً بينهم. أنت الذي منذ الأزل أُقمت رئيس كهنة على رتبة ملكي صادق وزينتَ كنيستك برسلٍ واساقفة وكهنة قديسين، أنظر بعطفٍ ورأفة إلى خادمك الحقير الذي دعوته إلى رعاية قطيعك. بواسطة جسدك ودمك الكرمين، إملأني من روحك القدوس وامنحني نعمة الايمان المستقيم والرجاء الثابت والمحبة الكاملة والتواضع الصادق. بشفاعة سيدة بزمار هَبني يا رب، الوعيَ الكامل والتمييزَ القويم، لأُحقق مشيئتَك المقدسة، واضعاً ثقتي في نِعَمِكَ الإلهية لكي أقود قطيعك الموْكلِ إليَّ بحكمة ومحبة وقداسة الى المراعي الخالدة، لنمجدك مع ابيك وروحك القدوس إلى الأبد، آمين".
خلال مراسم السيامة الأسقفية، قرأ السفير البابوي في لبنان سيادة رئيس الأساقفة المطران كبريال كاتشيا رسالة الحبر الأعظم بندكتوس السادس عشر.
وبعد القداس الإلهي والسيامة الأسقفية، تقبّل المطران الجديد ميكائيل موراديان التهاني في صالون الدير.