تأسست جمعية راهبات الحبل بلا دنس الأرمنية في اسطنبول في 5 حزيران 1847.
المؤسس هو الكاردينال الأول للأمة الأرمنية في الكنيسة العالمية البطريرك أنطوان بطرس التاسع حسّونيان. خلال سنوات 1840، عمد البطريرك الى تأسيس جمعية " للراهبات العذارى المؤمنات" مكرسة لخدمة الحياة المسكونية والرسولية، ويكون هدفها الرئيسي تربية الجيل الأرمني، خصوصاً بنات الطبقة الفقيرة. ان هذا المشروع النبيل والمفيد وطنياً تحقق بالتعاون مع الأم سربوهي-هاجي أندونيان، التي كانت قد شغلت منذ شبابها حياة خيرية وبإعتبارها "أم بيت" تهتم بتربية الأولاد الفقراء. في 9 كانون الاول 1947، الأم سربوهي مع أربعة راهبات مكرسات يهبن للله التواضع والعغة والفقر الى جانب الإلتزام بالحياة الرسولية. هكذا ينطلق "بيت أم الله" جمعية راهبات الحبل بلا دنس الأرمنية، يكون هدفها الرئيسي تربية وتعليم الفتاة الأرمنية بتزويد فكرها وروحها بالقيم الانسانية والوطنية.
ان الجمعية قد تأسست واعترفت بها بموجب مذكرة بطريركية صدرت في 5 حزيران 1847، وبموجب مذكرة بابوية صادرة في 11 حزيران عام 1932، تكون الجمعية خاضعة لقداسة بابا روما، بإعتباره رئيسه الروحي الأعلى.
ان بيت الأم كان في البداية متواضعاً جداً، كان بيتاً خشبياً. بعد سنوات، بفضل جهود الأب المؤسس يتم إنشاء بيت الأم ودار الإبتدائية في شارع... على التوالي يتم إنشاء مراكر تعليم في اسطنبول، لصفوف الروضة والابتدائية حتى الثانويات. بعد اسطنبول تتوسع مهمة الراهبات لتطال أكثر من عشرين بلدة ومدينة في مناطق أرمينيا الغربية وكيليكيا.
مع بزوغ القرن العشرين، الفتاة الأرمنية أصبحت معتزة بتربيتها الوطنية. تتلقى النور والعلم، تنشأ حسب القيم الدينية والخلقية، وهي تتحضر لمهام الأم الحقيقية المستقبلية أي "أم أرمنية". هذا الأمر يمتد حتى 1915.
تقع مأساة الإبادة التي تصيب حياة الأرمن المزدهرة والخلاّقة، وتدمر الأديرة والمؤسسات الناشطة للراهبات الأرمنيات. تستشهد 13 أخت راهبة أرمنية، و55 راهبات أخريات تُضطهد وتُبعد عن ديارها.
في اليوم التالي لوقف إطلاق النار، كانت مهمة الأم الأرمنية كبيرة: "إعالة الأرمن الباقين على قيد الحياة، إعانة الأولاد الأرمن اليتامى".
عام 1923، ينتقل الدير والمدرسة الإبتدائية من اسطنبول الى مكان آمن هو المدينة الأبدية روما، حيث تستقر الراهبات الأرمنيات على تلة مونتفيديو، ويعتبر مركز الادارة العامة للتنشئة الدينية للدعاوى الجدد...
كانت الواقع الأرمني في الانتشار يبدي بثقله على حياة الراهبات الأرمنيات وعلى حقيقة رسالتهن. ان الحفاظ على الهوية الأرمنية كانت تفرض قيام المدارس الى جانب دور الأيتام من اجل رسم مستقبل الأجيال اللاحقة. عام 1923، يتم وضع أساس مدرسة هريبسيميانتس. ومن ثم في سوريا ومصر والاردن والعراق وايران وفرنسا واماكن اخرى.
بهذه الروح المليئة بالثقة، تتابع الأم الأرمنية مشوارها الطويل والبعيد المدى مع الشعب الأرمني المهاجر حتى أقاسي الدنيا في الولايات المتحدة، في سبيل إنقاذ الأجيال الأرمنية الجديدة من خطر الضياع والابتعاد عن الجذور. عام 1965، في مدينة فيلادلفيا بولاية بنسلفانيا الأميركية، يتم إنشاء أول مدرسة أرمنية. عامي 1980 و1983 تنشئ المدارس في بوسطن ولوس أنجلس.
عام 1991، مع إستقلال الوطن الأرمني يتحقق الحلم الكبير للراهبات الأرمنيات. ان الزلزال المدمر في 7 كانون الاول عام 1988 كان الإنذار بالنسبة لضمير الأخت الأرمنية. هي هناك دائماً في سبيداك وكيومري من اجل مداواة الألم غير الشافي للشعب المعذّب.
عام 1922، في منطقة أخوريان من شمال أرمينيا، على بعد 20 كلم من مدينة كيومري، في بلدة أريفيك الفقيرة والقارسة، يقام الدير في بيت وضيع، مكان مهمة ثلاثة راهبات متطوعات. من هذا المكان الهامشي كان سيبعث نور الايمان وحب الإنجيل الى شعب وطننا الذي عاش 70 سنة بعيداً عن كلمة الله. بعد أريفيك، جاء دور مدينة كيومري ثم بلدة داشير في منطقة كالينويي مع القرى المحيطة، منطقة هشديان مع قراها العشرة تصبح مراكز عمل تربوي مسيحي وإنساني للراهبات المكرّسات. مؤسّسات خيرية كبيرة مثل جمعية الإتحاد الارمني التابعة للكنيسة الأرمنية الكاثوليكية في أوروبا الغربية تساند رسالة الراهبات. حالياً، في كيومري، مركز "سيدة أرمينيا" لروبرت بوغوسيان وأولاده يخدم تربوياً وتعليمياً وخدماتياً وإجتماعياً منذ أكثر من ست سنوات. عدد كبير من الأولاد اليتامى والبنات يتلقون الى جانب العلم والبرنامج الدراسي، التربية الفكرية والدينية والثقافية والفنية والإنسانية.
من أهم الإنجازات التربوية في أرمينيا هو تحقيق برنامج المخيم الصيفي لثلاثة أشهر. في دزاغكادتسور فقط، يتم اعادة تنشئة جسدية وتحليل نفس 800 ولد فقير.
ان الدير الأم موجود في روما حيث يعتبر المقر الرئيسي للإدارة العامة. الرئيسة العامة مع أربعة مستشارات قانونيات تدير الجمعية، وهنّ مُنتخبات شرعاً من قبل الجمعية العامة كل ست سنوات. ان اكليريكية المبتدئين حيث يتم اعداد الأعضاء الجدد، وتحضير مرشحين جدد للكهنوت دينياً وعلمياً. الجمعية تملك مراكز اعداد واكليريكيات صغيرة في كيومري وحلب.
مع مرور الألفية الثانية بعد المسيح، أصبح عمر الجمعية 157 عاماً. لقد تابعت الجمعية عملها بشكل نشط وفعال طوال مسيرتها وناضلت وجهدت بشكل متواصل لحفظ الروح المشعّة للأب المؤسّس، تحت عنوان: " الايمان بإرادة الله التي تتجلى من خلال القوانين المقدسة وتوجيه الرئيسات". الأب المؤسّس يسلم من اليوم الأول القانون الاساسي مع كتاب الصلاة لجمعيته، بإعتباره المرشد والحافظ. " بحسب ما يكتب، إنها جمعية لا يمكن أن تدوم إذا لم يكن لها قانون ملائم ينظم سير ادارتها". ان جمعية راهبات الحبل بلا دنس الأرمنية تحمل اللقب الأجمل لأم الله. غايتها النهائية: " تحقيق مشروع الله والبحث فقط عن مجد الله". أما هدفها الفريد: "خدمة أولاد الشعب الأرمني، من خلال التربية الخلقية والوطنية".
المحبة للله، المحبة للكنيسة الأرمنية والوطن الأرمني، تشكل القوة الدافعة والمبدأ الأعظم للأم الأرمنية.